تحت عنوان "الهجرة مشاركة ثقافية قبل كل شيء" كتب جان كلود كلوتييه مقالا في صحيفة لودوفوار، جاء فيه:
تواجه المجتمعات مشكلة صعبة هي مشكلة الهجرة. في بعض الحقبات، كانت هناك خشية من أن يستولي المهاجرون على الأعمال. واليوم، نرغب بدل ذلك أن يسدوا نقصا متوقعا في اليد العاملة. وفي مقاطعة كيبك، نهدف بواسطة الهجرة أن نحافظ على وزن ديمغرافي ضمن كندا.
لكن في كيبك وفي أماكن أخرى، يعبر البعض عن خشيتهم من فرض المهاجرين لقيمهم وطرق عيشهم.
هذه التساؤلات تفتح المجال أمام مناقشات تجري حاليا حول المستوى المرغوب استقباله من عدد المهاجرين.
وفي كتاب نشر في عام 2011 باللغة الفرنسية تحت عنوان:
(Le remède imaginaire. Pourquoi l’immigration ne sauvera
pas le Québec)
وما يمكن ترجمته على النحو التالي: العلاج الوهمي. لماذا لن تنقذ الهجرة كيبك، انكب الفيلسوف بونوا دوبروي وأخصائي الديمغرافيا غيوم ماروا في هذا الكتاب المشترك على دراسة التداعيات الديمغرافية والاقتصادية والموازنات المخصصة للهجرة في كيبك.
إن هذا الكتاب أثار بعض اللغط حين صدوره، غير أن الانتقادات لم تعارض دقة الملاحظات الرئيسية. وعلى هذا الصعيد، وصلت دراسة حديثة تحت عنوان:
L’impact de l’immigration sur la dynamique économique du Québec, CIRANO)
بالعربية "تأثير الهجرة على الدينامية الاقتصادية لكيبك" ، هذه الدراسة وصلت إلى نتائج مشابهة لما نشره دوبروي وماروا في كتابهما المذكور أعلاه.
دوبروي وماروا أبرزا في كتابهما أن مجيء المهاجرين حتى ولو كان ذلك بأعداد كبيرة لن يشكل ذلك علاجا نافعا لشيخوخة السكان والانخفاض الديمغرافي في كيبك.
وفي الواقع، إن المهاجرين هم من البالغين وغالبيتهم من سن الثلاثين وما فوق. وهم لا ينجبون أطفالا بنسبة أكبر من الكيبكيين (الأصليين)

ويظهر كتابهم أيضا أن الهجرة لا تلبي بشكل جيد الحاجة لليد العاملة. وفي الواقع، ورغم أن المهاجرين الذين يخضعون للاختيار هم بشكل ملموس يفوقون بديبلوماتهم الكيبكيين (الأصليين) يجدون أنفسهم في مراكز لا تحتاج لهذا المستوى العالي من المؤهلات أو بكل بساطة عاطلون عن العمل.
وانطلاقا من صعوبات الاندماج، يغادر كثيرون منهم مقاطعة كيبك متوجهين نحو مقاطعات أخرى في مهلة أقصر أو أطول بعض الشيء.
وحسابيا، الهجرة تنتج عجزا في الميزانية بالنسبة لحكومة كيبك لأن المهاجرين يحصلون على نسبة أعلى من المساعدات الاجتماعية مقارنة بما يدفعونه من ضرائب.
الاتكال على المهاجرين للاعتناء بنا في وقت لاحق ولسد مراكز شاغرة أو للحفاظ على وزننا الديمغرافي ضمن الفدرالية الكندية هي مبررات مفيدة جدا.
إن كتاب دوبروي وماروا يستحق التنويه لأنه أظهر لنا بأن مثل هذه الدوافع لا يمكنها أن تبرر الهجرة.
ويختم كاتب المقال بالقول: إن الفوائد الحقيقية التي يمكن انتظارها من الهجرة هي في الحقلين الثقافي والانساني.
إن المجتمع الكيبكي ومن هذا المنطلق اغتنى كثيرا من وجود كتاب وسينمائيين وباحثين وسياسيين وهزليين وفدوا من الخارج.
والهجرة أرهفت حس الكيبكيين بالمشاكل التي يعيشها مواطنون في فيتنام والشيلي والكونغو وهاييتي والجزائر وفي سوريا وأماكن أخرى من العالم.
إن الهجرة أجبرت الكيبكيين أيضا أن يطرحوا السؤال على أنفسهم حول القيم التي كانوا يعتبرونها مضمونة.
وفي حال لم تكن هذه المنافع (من الهجرة) كافية تبقى هناك إمكانية استقبال وبمحض كرم الأخلاق أشخاص يحسدوننا على نوعية الحياة التي نعيشها.
(هيئة الإذاعة الكندية/راديو كندا الدولي)
استمعوا