تناول كاتب العمود في صحيفة "لو دوفوار" الصادرة بالفرنسية في مونتريال، جان روبير سانفاسون، الزيارة الرسمية التي بدأها اليوم رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو إلى الصين، وهي الزيارة الرسمية الأولى له إلى أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان وثاني قوة اقتصادية عالمية وتستمر لغاية 6 أيلول (سبتمبر) المقبل.
يستهل سانفاسون مقاله بالتذكير بأن الصين أصبحت الشريك التجاري الثاني لكندا من حيث الأهمية، بعيداً خلف الولايات المتحدة ولكن قبل اليابان والمملكة المتحدة وأي دولة أوروبية أخرى.
لكن هل يجب الركوع أمام هذا الجبار الذي يتضح أكثر فأكثر طموحه بالسيطرة على العالم؟ يتساءل ساسنفاسون في مقاله وهو بعنوان "كن حذراً، سيد ترودو".
سيسعى رئيس الحكومة الليبرالية لإعادة الدفء إلى العلاقات السياسية والتجارية مع سلطات بكين التي لذعتها حكومات المحافظين السابقة برئاسة ستيفن هاربر التي تولت السلطة في أوتاوا زهاء عقد من الزمن، يقول سانفاسون.
ويصل ترودو إلى الصين مدعوماً بإرث والده، رئيس الحكومة الكندية الراحل بيار إليوت ترودو، الذي كان أحد أوائل القادة الغربيين الذين اعترفوا بنظام الزعيم الصيني الشيوعي ماو تسي تونغ وبنوا علاقات معه. وهذا لحسن حظ رئيس الحكومة الحالي، فالصينيون غير مستعدين لتقديم التنازلات في ملفات الاحترار المناخي وحرية التعبير واحترام القانون الدولي، يضيف سانفاسون.
وكندا ليست في موقع قوة أمام الصين التي تفوقها سكاناً بـ40 مرة والتي يقودها بقبضة فولاذية حزب أوحد تهمه النتائج والنهايات لا الوسائل والأيديولوجيات. وكل من زار الصين مؤخراً تمكن من رؤية التقدم الهائل الذي أحرزته، يضيف الكاتب.
فبعد أن كانت بلداً غير متطور يعتمد اقتصاده على الزراعة بشكل رئيسي، أضحت الصين من أهم المراكز الصناعية في العالم. وعلاقاتها التجارية مع كندا مثال واضح على ذلك، يؤكد سانفاسون.
ويشير الكاتب إلى أن مستوردات الصين من كندا بلغت قيمتها الإجمالية 20 مليار دولار العام الفائت، وتكونت بشكل خاص من الحبوب، لاسيما الكانولا، والأخشاب والمعادن الخام (الركاز) وعجين الورق.
وفي المقابل استوردت كندا من الصين العام الفائت سلعاً وبضائع بقيمة 65 مليار دولار، تضمنت بشكل خاص آليات وأجهزة إلكترونية وألعاباً وألبسة ومفروشات. أي ما لم نعد ننتجه لأن الصين تقوم بذلك بتكلفة أدنى، يقول سانفاسون.

وإذا كان نقل مراكز إنتاج السلع إلى الصين قد سمح بكبح ارتفاع أسعار معظم المنتجات الصناعية، فهو بالمقابل تسبب بخسائر فادحة في الوظائف الصناعية في كندا وسائر الدول الغربية. وهذا النمو المتسارع في الصين أوجد طبقة متوسطة تعول عليها سلطات بكين أكثر فأكثر من أجل تعزيز النمو الداخلي وتقليص الاعتماد على الدول المتقدمة، يضيف الكاتب.
ويشير سانفاسون إلى أن ترودو وسائر أعضاء الوفد الكندي سيتناولون عدة مواضيع هامة مع كبار المسؤولين الصينيين، من بينها الملف الخلافي بشأن صادرات كندا من حبوب الكانولا إلى الصين، ورغبة الصين بالاستثمار في الخارج.
فمن المتوقع أن تستثمر مؤسسات تابعة للدولة الصينية 1000 مليار دولار في السنوات المقبلة في عمليات شراء شركات حول العالم في كافة القطاعات. وكندا تبحث عن مستثمرين أجانب. لكن هل ترغب أوتاوا فعلاً بأن تشتري الدولة الصينية شركات كندية مثل عملاق الهندسة والبنى التحتية "أس أن سي – لافالان" ومناجم الحديد الكندية وحقول الرمال النفطية في مقاطعة ألبرتا؟ يتساءل سانفاسون.
جوستان ترودو يرغب برؤية المزيد من السياح والطلاب الصينيين في كندا. لكنه يريد أيضاً استقبال المزيد من العمال المؤقتين. كما أن هناك كلاماً عن مشروع اتفاق تبادل حر مع الصين. فهل نحن مستعدون لرؤية مؤسسات الدولة الصينية، التي لا تحترم حقوق الإنسان في الصين، تستقر في بلدنا مع موظفيها وتلجأ لاتفاق التبادل الحر من أجل الاعتراض على إجراءات لحماية اليد العاملة أو لمكافحة الاحترار المناخي بحجة أنها تنعكس سلباً على المردودية؟ يتساءل الكاتب أيضاً.
وينهي سانفاسون مقاله في "لو دوفوار" بدعوة حكومة ترودو إلى إعادة إحياء المفاوضات المتعددة الأطراف لحث الصين على احترام حقوق الإنسان والقواعد الدولية للتجارة، لاسيما تلك المتصلة بحماية الملكية الثقافية، قبل "المجازفة" بالدخول في مفاوضات مع بكين حول اتفاقيات ثنائية، فالصين في الوقت الراهن أكثر نشاطاً في مجال التجسس الصناعي مما هي في مجال احترام براءات الاختراع، على حد قوله.
استمعوا.