يقول محرر الشؤون الاقتصادية في راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) جيرالد فيليون إن حكومة جوستان ترودو الليبرالية تؤكد بشكل واضح من خلال ميزانيتها العامة أنها غير مهووسة بالعجز الصفري، أي بالتوازن بين الإيرادات والنفقات العامة، بل بالنمو.
ولذلك تركز الميزانية التي قدمها وزير المالية بيل مورنو هذا الأسبوع على الاستثمار في البنى التحتية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، يضيف فيليون.
يُذكر هنا أن العجز في الميزانية يبلغ 29,4 مليار دولار للسنة المالية 2016 – 2017 و29 ملياراً للسنة المالية 2017 – 2018. وهذه الميزانية الأولى لليبراليين بقيادة ترودو الذين وصلوا إلى السلطة في أوتاوا في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت بعد نحو من عشر سنوات من حكم المحافظين بقيادة ستيفن هاربر.
لكن يجب عدم الانبهار أكثر من اللازم بعدم تطرق الميزانية إلى هدف بلوغ التوازن بين الإيرادات والنفقات. فالرسالة السياسية المنبثقة من هذا الأمر تخفي استراتيجية كان وزير المالية الليبرالي الأسبق بول مارتين يهواها، وهي تقدير الإيرادات بأقل من قيمتها الفعلية بهدف الاحتفاظ ببعض "الذخيرة" للمستقبل، يقول فيليون.
وكان مارتين وزيراً للمالية طيلة ثماني سنوات ونصف في حكومات متعاقبة برئاسة جان كريتيان، وذلك قبل أن يصبح رئيساً للحكومة في أواخر عام 2003.

ويرى فيليون أنه في حال لم تدخل كندا مرحلة ركود اقتصادي، في وقت ما في عام 2018 أو 2019، سنسمع كلاماً عن الميزانيات المتوازنة في خطابات رئيس الحكومة الليبرالية، وستظهر فجأة عشرات مليارات الدولارات في خزينة الدولة.
ويستند فيليون في توقعاته إلى ثلاثة أسباب سبق لعدة خبراء اقتصاد أن شرحوها في البرنامج الاقتصادي اليومي الذي يقدمه من تلفزيون راديو كندا.
أولها أن الحكومة تقلل من تقديرها لعائداتها بنحو من ستة مليارات دولار سنوياً من خلال تخفيض توقعاتها لنمو الاقتصاد. ويشكل هذا المبلغ احتياطي الطوارئ لديها.
الثاني هو أن الحكومة لا تحتسب وقع إجراءاتها لتحفيز الاقتصاد على إيراداتها المستقبلية. فعندما تقوم بضخ 120 مليار دولار في البنى التحتية على امتداد عشر سنوات، من الواضح أن الاقتصاد سينمو بوتيرة أعلى وسيجلب للحكومة المزيد من الإيرادات. كما أنه من الممكن أن تتيح الإجراءات الضريبية، كتخفيض الضرائب وزيادة المساعدات للأسر التي لديها أطفال، للمواطنين زيادة الإنفاق.
أما ثالث الأسباب التي قد تجعل عودة الميزانيات المتوازنة أمراً ممكناً في السنوات المقبلة فهو ارتفاع أسعار النفط الخام وسائر المواد الأولية مجدداً، وهي من دعائم الاقتصاد الكندي.
ويختم فيليون بالقول إن العجز الإجمالي للسنوات الخمس المقبلة الذي قدرته الحكومة بـ113 مليار دولار لن يزيد من نسبة الدين العام مقارنة بإجمالي الناتج الداخلي. كما أن هذا العجز، وللأسباب التي ذكرها، قد يختفي بحلول موعد الانتخابات الفدرالية العامة المقبلة المقرر إجراؤها في تشرين الأول (أكتوبر) 2019.
استمعوا