تناول محرر الشؤون الاقتصادية في راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) جيرالد فيليون صفقة شراء شركة "لوز" (Lowe's) الأميركية شركة "رونا" (Rona) الكندية بقيمة 3,2 مليارات دولار والتي أُعلن عنها اليوم في مؤتمر صحافي في مونتريال عقدته الشركتان.
"لوز" هي ثاني أكبر شركة تجزئة أميركية في قطاع التطوير المنزلي والخردوات بعد "هوم ديبوت" (Home Depot)، مقرها الرئيسي في ولاية نورث كارولينا الأميركية، وتملك 1845 متجراً موزعة على الولايات المتحدة، حيث غالبية متاجرها، والمكسيك وكندا. يعمل لديها 265 ألف موظف، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية 80 مليار دولار. ويبلغ عدد متاجر "لوز" في كندا 42، لكن لا متاجر لها على الإطلاق في مقاطعة كيبيك.
و"رونا" هي كبرى شركات التجزئة في قطاع التطوير المنزلي والخردوات في كندا، مقرها الرئيسي في مدينة بوشيرفيل في مقاطعة كيبيك، تملك أكثر من 500 متجر في كندا، نصفها في كيبيك، يعمل فيها 24 ألف موظف، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية 4,1 مليارات دولار.
ومن ضمن شروط الصفقة تعهد من "لوز" بإنشاء مقرها الرئيسي لأنشطتها الكندية في بوشيرفيل والإبقاء على مختلف الأسماء الخاصة بـ"رونا" وعلى "الأكثرية الواسعة" من الموظفين الحاليين لدى الشركة الكندية.
قد يكون من الأصح القول إن "لوز" الأميركية "تريد" شراء "رونا" لأن الأولى قدمت عرض شراء ودياً للثانية، وأن الكلمة الأخيرة هي لحملة الأسهم في "رونا". لكنّ مجلسيْ إدارة الشركتيْن وافقا على العرض، كما وافق عليه أكبر مساهم في "رونا" وهو "صندوق الودائع والاستثمارات في مقاطعة كيبيك" (Caisse de dépôt et placement du Québec) الذي يملك 17% من أسهمها، ما يجعل الحديث عن "شراء" الشركةِ الأميركية الشركةَ الكندية أمراً واقعاً.
يقول جيرالد فيليون إن كافة الأحزاب السياسية في مقاطعة كيبيك سبق وأن وعدت بحماية المقرات الرئيسية الواقعة في المقاطعة، لكن هذه الوعود لم تتحقق فعلاً.
كان وزير المالية والاقتصاد في حكومة الحزب الكيبيكي السابقة في مقاطعة كيبيك، نيكولا مارسو، قد شكل لجنة كلفها التوصل إلى حلول تهدف للحفاظ بشكل أفضل على أهم شركات المقاطعة.
والحزب الليبرالي الكيبيكي الحاكم في كيبيك منذ نيسان (ابريل) 2014 طرح في العام المذكور فكرة اللجوء إلى "صندوق الأجيال" (Fonds des générations) لمواجهة عروض شراء الشركات الكيبيكية المقدمة من مجموعات أجنبية. وكانت حكومة كيبيك قد أسست "صندوق الأجيال" عام 2006 بهدف تخفيض الدين العام للمقاطعة.

كثير من الكلام إذاً ولكن قليل من الأفعال، يقول جيرالد فيليون في مدونته على موقع راديو كندا. في الواقع، تفقد كيبيك مقراً رئيسياً آخر. فالمقر الرئيسي للأنشطة الكندية المقترح إنشاؤه في بوشيرفيل بموجب الصفقة سيكون في الواقع مقراً تابعاً للمقر الرئيسي لشركة "لوز" في الولايات المتحدة ، أي للمقر الذي يتخذ القرارات.
والتجارب علمتنا أن التعويضات التي يُعلن عنها في صفقات من هذا النوع تتلاشى مع الوقت. وهذا ما حدث مع شركات مثل "ألكان" (Alcan) للألومينيوم و"بروفيغو" (Provigo) لبيع المواد الغذائية، ومع بورصة مونتريال، وسواها. مقرات هذه الشركات ظلت في مقاطعة كيبيك لكنها فقدت مكانتها السابقة وأضحت خيالاً لما كانت عليه، يقول جيرالد فيليون.
بيع شركة لمجموعة أجنبية يعني، بما لا يقبل الجدل، خسارة الخبرة ومركز القرار، ويطرح علامات استفهام بشأن الوظائف والمُمونين والزبائن المحليين، وهذا كله هام وحساس، يؤكد محرر الشؤون الاقتصادية في راديو كندا.
التراجع القوي للدولار الكندي يجعل شراء الشركات الكندية أمراً شديد الجاذبية للشركات الأميركية، يقول جيرالد فيليون. فمتى يأتي يوم يشتري فيه عملاق الصناعات الجوية الأميركي "بوينغ" كبرى الشركات الكندية في هذا المجال، "بومباردييه" (Bombardier)؟ ومتى يأتي دور شركات كندية أخرى متألقة في مجالات متعددة لتشتريها مجموعات أميركية؟ قد تكون صفقة بيع "رونا" لـ"لوز" ممتازة، لكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو ما إذا كانت هذه الصفقة من مصلحة الجميع وليس فقط من مصلحة مالكي الأسهم في هاتيْن الشركتيْن، يختم جيرالد فيليون.
استمعوا