تناول الصحافي الاقتصادي جيرالد فيليون في مدونته على موقع راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) ميزانيات حكومة المحافظين في أوتاوا برئاسة ستيفن هاربر في مقال بعنوان "الفعالية الفريدة لستيفن هاربر في مجال الميزانيات". ويقدم فيليون برنامجاً اقتصادياً يومياً من المحطة الإخبارية التابعة لتلفزيون راديو كندا في مونتريال.
يقول فيليون إن البعض يرون أن حكومة المحافظين تعمدت تقليص هامش المناورة لديها من أجل الشروع باقتطاعات في الميزانية أكثر صلة بالإيديولوجيا منها بالحاجة الاقتصادية. فبتخفيضها ضرائب الشركات والضريبة على السلع والخدمات قلصت الحكومة عائداتها الضريبية بمليارات الدولارات. وعندما حلت أزمة الركود لم يكن قد بقي لحكومة المحافظين من هامش مناورة، فاضطرت لضخ عشرات مليارات الدولارات في الاقتصاد الوطني، ما أدخل البلاد عام 2009 في أكبر عجز في تاريخها، يقول الكاتب.
وفي غضون ذلك، قام رئيس الحكومة ستيفن هاربر ووزير ماليته الراحل جيم فلاهرتي، الذي توفي في نيسان (ابريل) الفائت، وبكل صبر، بنسج الشبكة التي أعادتنا اليوم إلى الميزانية المتوازنة وإلى الإعلان عن هدايا ضريبية قبل أشهر من الانتخابات التشريعية على المستوى الفدرالي، يقول فيليون في إشارة إلى إعلان هاربر قبل أسبوعيْن عن تخفيض الضرائب على الأسر التي لديها ولد أو أكثر دون سن الثامنة عشرة.
فالفترة التي اتبع فيها هاربر نظريات العالم الاقتصادي البريطاني جون كينز المتصلة بضخ كميات من المال لتحفيز الاقتصاد كانت قصيرة وإن شهدت ضخاً مكثفاً للمال العام. وهي ما لبثت أن تركت مكانها لعودة رؤية هاربر في الاقتصاد والمالية العامة: مراقبة صارمة للنفقات، واستثمارات ذات توجه واضح يجري تحديدها وفقاً لكل حالة، ودعم ثابت لقطاع النفط، وتقليص متواصل للإطار البيئي، واقتطاعات كبيرة في الوزارات والمؤسسات العامة.

وبهذا المعنى تكون الميزانية المقدمة في أواخر آذار (مارس) 2012 أهم ميزانية قدمتها حكومة هاربر. ففي هذه الميزانية أعلنت الحكومة عن خطة ضخمة لتقليص النفقات العامة على امتداد ثلاث سنوات. وهذا الجهد يشارف نهايته حالياً، يقول فيليون، فالدولة تقوم بإنهاء برنامجها للاقتطاعات في الميزانية، وخلال السنة المالية الحالية يكون التوفير الإجمالي قد بلغ الهدف المنشود في ربيع 2012، أي 5,2 مليار دولار.
وهكذا، فيما تتواصل الاقتطاعات يتواصل نمو الاقتصاد، بشكل متواضع ولكن متواصل، يضيف الكاتب، فإجمالي الناتج الداخلي في البلاد ينمو حالياً بمعدل يفوق الـ2% وفق وتيرة سنوية.
وإذا ما نظرنا إلى أرقام الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية 2014-2015 نجد أن عائدات الدولة من ضرائب الأفراد والشركات والضريبة على السلع والخدمات ارتفعت بنسبة 4,2%، فيما تراجعت نفقاتها بنسبة 1%. وفي ظل وضع اقتصادي غامض، يُسمى هذا تقشف. ولا يُحكى عن هذا التقشف لأن الحكومة الفدرالية لا تواكب المواطن في الخدمات المقدمة له كحكومة المقاطعة التي يقيم فيها، يقول فيليون.
لكن الكاتب لا يغفل مخاطر تراجع أسعار النفط على عائدات الحكومة الفدرالية، ويلفت أيضاً إلى مخاطر معدل الاستدانة المرتفع لدى المواطنين والفقاعة العقارية المحتملة.
ويختم فيليون بالقول إنه بغض النظر عن الموقف من خطة الميزانية لحكومة المحافظين، أكنا من الداعمين لها أو من المنددين بها، هناك أمر واقع لا يمكن إنكاره وهو أن خطة ستيفن هاربر في هذا المجال هائلة الفعالية.
استمعوا